الخاطرة الرابعة عشرة : ازدواج المعايير
الخاطرة الرابعة عشرة . ازدواج المعايير . كل الناس ظاهرا يحبون العدل ، ويدعون إليه ، ويحيون من يتخذه مسلكا لايحيد عنه ، وأكثرهم يكرهون الاستثناء والتمييز ، غير أن ثبات هذه المقاييس كثيرا ما يهتز عند ضعاف النفوس ، فهم يحيون العادل شريطة ألا يحول عدله دون نفاذ مصالحهم ، ويكرهون التمييز والاستثناء إلا إذا كان لصالحهم، ولن يعدموا حينئذ أن يسموه نبلا أو مكرمة أو طيب أصل ، أو أنهم يرونه حقا مكتسبا لهم ، مع يقيننا أن القيم والمبادئ لا تتجزأ ، وأن الشخصية السوية المتسقة مع نفسها لا يمكن أن تنفصم ، ولله الأمر من قبل ومن بعد ، وأصحاب القيم والمبادئ الثابتة لهم الله ، ثم التاريخ وراحة البال والسكينة والطمأنينة وإن حاربتهم أو خاصمتهم الدنيا ومن فيها وما فيها ، فإذا كان الله معك وكنت حقا معه فلا عليك بعد ذلك بمن عليك ومن معك ، لأن الله كافيك ، ومن كان مع الله فلا يحزن ، ولا يخاف ظلما ولا هضما ، فعاقبة أمره يسر وعافية ، فيا أهل الحق لا يهزنكم الباطل ، فهو واه ضعيف وإن استقوى ، ويا أهل العدل اثبتوا على الطريق لا ينحرف بكم أحد عنه ، فهو ميزان الله الذي وضعه للخلق ونصبه للحق ، فزنوا بالقسطاس المستقيم .